تهرّم المجتمع التونسي.. أيّ قراءة؟
خصّص برنامج "ميدي إيكو" في حصّته ليوم الخميس 22 ماي 2025، لقراءة في نتائج التعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2024، بحضور كلّ من الأستاذ الجامعي في الديموغرافيا الاجتماعية محمد علي بن زينة، وأستاذ الاقتصاد بجامعة قرطاج معز السوسي، وأستاذ علم الاجتماع لسعد العبيدي.
وخلال النقاش، تطرّق معز السوسي إلى تنامي ظاهرة التهرّم السكاني في تونس، مبيّنًا أنّ مؤشّر الشيخوخة بلغ 73.9% في التعداد العام لسنة 2024 مقارنة بـ23.9% فقط في تعداد 1994. ويُحسب هذا المؤشّر بقسمة عدد السكان الذين تفوق أعمارهم 60 سنة على عدد من هم دون 15 سنة.
كما لفت السوسي إلى تراجع معدل الخصوبة، الذي بلغ 1.7 طفل لكلّ امرأة، في حين أنّ المعدّل المطلوب لضمان التوازن الديموغرافي هو 2.1 طفل لكل امرأة متزوجة.
نحتاج إلى استراتيجية لرعاية كبار السن ومراجعة مفهوم الشيخوخة في تونس
من جانبه، أكّد أستاذ علم الاجتماع لسعد العبيدي على أنّ المؤشّرات منذ سنوات تشير بوضوح إلى اتّجاه المجتمع التونسي نحو التهرّم السكاني، وهو ما يُطرح، حسب قوله، جملة من الإشكاليات الاجتماعية، أبرزها ضرورة تخصيص نسبة معيّنة من نفقات الدولة لرعاية كبار السن.
ودعا العبيدي إلى مراجعة مفهوم "كبير السن" المعتمد حاليًا في تونس (60 عامًا)، مقترحًا رفعه إلى 65 سنة.
وشدّد على أنّ الأرقام لا يجب قراءتها بمعزل عن انعكاساتها الاجتماعية، خصوصًا في ما يتعلّق بكيفية رعاية كبار السن، لافتًا إلى أنّ هذه الفئة غير متجانسة، إذ تختلف حالاتها الصحية، ومقدار منحة التقاعد، وظروف العيش بين الريف والحضر. وأكّد أيضا على ضرورة التفكير في استراتيجية وطنية متكاملة للتعامل مع هذه الفئة في المستقبل.
وأوضح العبيدي أنّ التغطية الاجتماعية تمثّل مجهودًا كبيرًا ضمن إطار الأرضية الوطنية للحماية الاجتماعية، التي شرعت فيها تونس منذ سنوات. واعتبر أنّ هذا التمشي يُجسّد مفهوم الأمان الاجتماعي، الذي يقوم على ضمان حدّ أدنى من الدخل والخدمات الصحية لكل تونسي، مشيرًا إلى أن نسبة هامة من كبار السنّ ينتفعون بمنحة ضمن هذا البرنامج.
غياب نية واضحة لتغيير السلوك الإنجابي في تونس
بدوره، شدّد الأستاذ الجامعي في الديموغرافيا الاجتماعية محمد علي بن زينة على أنّ مؤشّر الخصوبة الحالي يدلّ على غياب تجديد الأجيال، مشيرًا إلى أنّ الدراسات تؤكّد غياب نية واضحة لتغيير السلوك الإنجابي في تونس، في ظلّ تراجع نسب الزواج والولادات، وتصاعد كلفة المعيشة وتواتر الأزمات الصحية، ما يدفع الكثير من التونسيين إلى تأجيل مشروع الزواج والإنجاب.
وأوضح بن زينة أنّ النمو الديمغرافي في تونس بدأ في التراجع منذ سنة 2014، وإن كان ذلك بنسق معتدل، مشيرًا إلى أنّ جائحة كوفيد شكّلت لحظة فارقة، حيث لاحظ المختصون زيادة ملموسة في عدد الوفيات سنة 2020، إذ ارتفع المعدّل من 6.5 في الألف إلى 9 في الألف، وهي نسبة غير مسبوقة منذ سنوات.